بقدر ما أنني لست معنيا من بعيد أو قريب بحل الإشكالات القديمة بين طرفي ديربي لندن تشيلسي والأرسنال، كذلك فأنا لست مكترثا بالتصعيد الدائم بين قطبي الكرة الاسبانية ريال مدريد وبرشلونة، وهو حالي أيضا مع الصراع القديم- الجديد بين ناديي الأهلي والزمالك المصريين، كذلك لا أجد حرجا في الإعلان عن أن موقفي هذا هو نفسه مع الأندية السعودية المتصارعة رياضيا، كما هو الحال اليوم بين الهلال والنصر، أو الأهلي والاتحاد، وقبل ذلك بين الهلال والاتحاد.
ما أستغربه هو إظهار البعض في إطارنا المحلي مخاوفهم من اشتعال هذه المنافسة ووصولها إلى ما لا يحمد عقباه، مجهدين أنفسهم في التنظير لضرورة حلحلة هذا الصراع أو ذاك، إن عبر اتفاقات إدارية بينية، أو عبر مواثيق شرفية، ومصدر استغرابي أن مثل هذه الإشكالات أو الصراعات هي سمة طبيعية للتنافس الرياضي في شتى أقطار المعمورة وأن وجودها في فضائنا المحلي ليس بدعا بين الفضاءات الأخرى، بل أن مجرد الاعتقاد بأن اتفاقا عابرا أو تحذيرا مغلظا سيلغيها أو سيخفض من وتيرتها ما هو إلا وهم كشفته الأيام وعرته التجارب.
لقد جاءت قضيتا الأرجنتيني مانسو بين الاتحاد والأهلي، وقضية عيسى المحياني بين الهلال والنصر لتكشف عن ديمومة مثل هذا التنافس الطبيعي بين الأندية، فقبل مانسو والمحياني كانت قضية ياسر القحطاني والزايري وكالون وهوساوي والخيبري وقبلهم عشرات القضايا المشابهة، وإني لأعجب لمن تنادوا واستصرخوا بضرورة الرجوع لصيغة ميثاق الشرف الأخير، ويزيد عجبي أن أحدا لم يتحدث عن ضرورة تفعيل لائحة الاحتراف وأهمية فتح النوافذ في لجنة الاحتراف ليتنفس القانون كي يستطيع ممارسة دوره في مثل هذه القضايا بدلا من مصادرة حقه في حسم مثل هذه الإشكالات الاحترافية الطبيعية التي تحدث في كل مكان بدءا من انجلترا معقل الاحتراف وحتى جزيرة هونولولو!.
لست مع ينتظرون في قضية المحياني ومثلها من القضايا الشائكة ما يصدر من قرارات من الرئاسة العامة لرعاية الشباب كما حدث في قضية السيراليوني كالون أو الأرجنتيني مانسو، وإنما أنا مع من يؤمنون بأهمية أن تكون للقانون الكلمة الفصل، لكن شريطة ألا يتحول هذا القانون لقرص تسعى الأطراف المتصارعة لجره ناحية نارها، أو أن يتحول القانون إلى سلعة يُتَاجر بها في البازارات الرياضية "والبسطات " الصحفية، فقد تحول – للأسف الشديد- قانون الاحتراف عند البعض إلى "سوبرماركت" فصار كل واحد ممن ارتدى ثوب المحاماة عن ناديه يأخذ منه ما يشاء بأبخس الآراء وشتى أنواع الفهلوة.
نحن نريد من لجنة الاحتراف أن تمارس دورها بفاعلية، بأن تكون الحارس الأمين على لائحة الاحتراف في مواجهة من يحاولون المراوغة قبالتها، وأن تكون الشفافية هي العنوان الأول لها في قضية المحياني وغيرها، وإذا ما استطاعت لعب هذا الدور، فلن نحتاج للاحتماء خلف مواثيق شرفية لن تكون قادرة على حماية رياضتنا أكثر من القانون نفسه.